تعويدهم على الأخلاق الفاضلة .
- دعانا نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم إلى تأديب أطفالنا ، وغرس الأخلاق الكريمة في نفوسهم ، وتعويدهم على حسن السمت والتحلي بالصدق ، والأمانة ، واحترام الكبير ، فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ليس من أمتي من لم يجل كبيرنا ، ويرحم صغيرنا ، ويعرف لعالمنا حقه " أحمد .
- وعن أنس بن مالك رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم : " أكرموا أولادكم ، وأحسنوا أدبهم " ابن ماجه
- وعن ايوب بن موسى عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما نحل والد ولدا من نحل أفضل من أدب حسن " الترمذي .
- وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ماورث والد ولدا خيرا من أدب حسن " الطبراني .
- فالولد أمانة عند أبوية ، وهو معدن نفيس يجب الاعتناء به والمحافظة على تعويده على الأخلاق الفاضلة والآداب الحسنة ، وقلب الطفل طاهر نظيف قابل لما يلقى إليه من خير وشر .
- فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه ، أو ينصرانه ، أو يمجسانه " البخاري .
- ولد الطفل ووالدته يستطيعان بتوفيق الله لهما العمل على حسن تربية الولد ، عن طريق القدوة الحسنة أولا ، ثم تلقينة الآداب الفاضلة ، والعمل على غرس الخصال الكريمة في نفسه وطبعه على الصفات الحميدة ، وتقوية صلته بالله عن طريق حفظة للقرآن ، وممارسة والدة ووالدته العبادات ، وتعليمه إياها وتعويده عليها ، فإن المرحلة الأولى من مراحل الطفل هي أهم مرحلة في تربية الطفل جسميا وخلقيا ، وفي تعويده أحسن العادات ، وأكرم الأخلاق ، فيعنى الوالدان بصحة الطفل وتغذية صحية ، وتعويده أدب الحديث ، وأدب السؤال ، بحيث يكون مهذبا في سؤاله ، لطيفا في حديثه ، يحسن الوصول إلى ما يريد برفق وأدب .
- وينبغي أن يعود الطفل عل النوم مبكرا ، والاستيقاظ مبكرا ، كما يعود على ممارسة الرياضة التي لا تتعارض مع الدين . ليقوى بها بدنه ويعتاد على النشاط والقدرة على الحركة ، وعدم الكسل والخمول .
- كلما تقدمت به السن تأكد العمل على حسن توجيهه وتربيته ، فإذا بلغ ست سنين أدب ، وهذب ، وأرسل إلى المدرسة المثالية للتعلم ، وربي تربية كاملة : جسمية ، وعقلية ، وخلقية ، واجتماعية ، بحيث يعد للحياة العملية التي تنتظره .
- إذا بلغ سبع سنين أمر بالصلاة ، وعلم الطهارة والوضوء وشجع على الصلاة ، وتأديتها في أوقاتها في المسجد مع الجماعة ، حتي يصبح ذلك خلقا له .
- فإذا بلغ عشر سنين ضرب إذا ترك الصلاة أو أهمل فيها ، وعزل فراشه عن أخوته وأخواته .
- فعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال صلى الله عليه وسلم :" مروا أبناءكم بالصلاة لسبع ، واضربوهم على تركها لعشر ، وفرقوا بينهم في المضاجع " أحمد
- في استطاعة المدرس أن يوصل إلى الأطفال كثيرا من الأخلاق الفاضلة : كالصدق في القول ، والأمانة في العمل ، والعدالة في الحكم ، والصراحة ، والشجاعة ، والإخلاص .
- ينبغي أن يختار الرجل مؤدبا لولده ، فإن المؤدب ( المدرس ) هو الذي يربي هذا الولد .
وقد قال بعض الحكماء يوصي مؤدب ولده :" ليكن إصلاحك لابني إصلاحك لنفسك ، فإن عيونهم معقودة بعينك ، فالحسن عندهم ما استحسنت ، والقبيح ما استقبحت "
- ثبت في علم النفس أن الطفل بطبيعته يحاكي ما يحدث في المجتمع الذي يحيط به : حسنا كان أو قبيحا فهو يحاكي من يعيشون معه أو يتصلون به ، ولهذا يجب أن يكون المقلد قدوة طيبة ، ونموذجا حسنا، فإن الطفل للمحاكاة عنده أثر كبير في تربيته الخلقية ، والعقلية ، والتقليد عامل مهم في المرحلة الأولى لتكوين العادة .
- والطفل يرى لاشيء يفعل أماه ويكرره حتى يصير عادة له ، وهو في الواقع : يحاكي أبوية ، وإخوته الكبار ، ولكنه يكسب من محاكاة الصغار أكثر مما يكسب من محاكاة الكبار .
- ينبغي للأب أن يعود الطفل على آداب الأكل ، والشرب ، وذلك بأن يغسل يديه قبل الأكل وبعده ، ويسمي عند البدء بالأكل والشرب ، ويأكل بيمينه ، ويحمد الله عند الانتهاء من الأكل والشرب ، وياكل مما يلية ولا ينظر إلى الآكلين حوله ، ويمضغ اللقمة مضغا جيدا ، ولا يتقدم على من هو أكبر منه ، وإذا شرب يشرب بهدوء ، ولا يتنفس في الإناء .
- وهذه الأخلاق ورد بها توجيه المصطفى صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عمر بن أبي سلمة رضي الله عنهما قال : كنت غلاما في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي : " يا غلام سم الله ، وكل بيمينك ، وكل مما يليك " البخاري
- ونبغي للأبوين تعليم الأطفال أوقات الاستئذان على أبويهما ، مالم يبلغ الطفل الحلم ، فإذا بلغ الحلم وجب عليه الاستئذان دائما وأبدا ، كلما أراد أن يدخل على أبويه ، والأوقات التي يجب على الأبوين أن يرشدوا أطفالهم الذين لم يبلغوا الحلم ثلاث أوقات :
- وماعدا هذه الثلاثة الأوقات فيجوز دخول الأطفال الصغار بدون استئذان ، وكذلك الخدم ، فإذا بلغ الأطفال الحلم وجب عليهم الاستئذان كلما أرادوا الدخول ، لقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ۚ مِّن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ۚ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ ۚ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ ۚ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) سورة النور .
هذه الآداب الإسلامية التي تكتسب من تمسك بها السعادة في الدنيا والآخرة ، وينبغي ألا يتهاون بها وألا تهمل ، وتضيع فإن من ترك الآداب الإسلامية وتخلى عنها فقد أهملها ، ويخشى عليه من الضلال والعياذ بالله .
المصدر :
الهدى النبوي في تربية الاولاد ، تأليف د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني
حقوق الطبع والنشر لأصحابها.